القائمة الرئيسية

الصفحات

قد أكون لا أعرف كثيراً عنه، وقد أكون قرأت عنه وعرفته ما بين الروايات والقصص والحكايات، قد أكون سمعت عنه في قصيدة ما، وربما في أغنية تمازجت ألحانها داخل قلبي وغرقت بها، قد تدمع عيني عندما أشاهد شيئاً مأساوياً، وقد أبتسم عندما أشاهد ما يملأ قلبي بالسعادة، هو السلاح الذي بإمكانك أن تفعل أشياء كثيرة به.

بإمكانك أن تدافع، وتقتل، وتهدد، وتبتز أيضاً، بإمكانك أن تنشر السلام به وبإمكانك أن تنشر الخراب أيضاً... هو الحب.

هل الحب يتغير عبر الأزمان، أم يظل كما هو، هل لكل قصة حالتها الفريدة الخالصة كما هي، أم لها أخطاؤها الفادحة، أم أن القلب إذا أحب لم ير شيء غير أنه يحب...غير أنه يحب فقط.!

فحينما قال "نزار قباني": أحبيني.. بعيداً عن بلاد القهر والكبت، بعيداً عن مدينتنا التي شبعت من الموت، بعيداً عن تعصبها، بعيداً عن تخشبها، أحبيني.. بعيداً عن مدينتنا التي من يوم أن كانت إليها الحب لا يأتي."


مجنون ليلي

الحب الذي نشأ منذ الصغر، الذي كان يتمتع بالبراءة والنقاء فهل من الممكن أن يكتمل، وإذا لم يكتمل، هل تنتهي الحياة من بعدها.!

وقع عليه الحب لابنه عمه وكلما كبرا كلما ازداد الحب بداخلهما لبعضهما وكلما كبروا أكثر، كلما أصبح رؤيتهم لبعضهما أصعب وفقاً للعادات والتقاليد التي تحكمهما.

هما "قيس وليلي" فتقدم للزواج إليها، ولكن تم رفضه بسبب أن أهل القبيلة لن يقبلوا بزواج فتاة وشاب كانوا على علاقة حب من ذي قبل فيعتبرونه عارا.

فكان حينها الملاذ الوحيد لقيس هو أن يسرد عذابه في كتابة الشعر، وبعدها بفترة تزوجت ليلي، لم يتحمل قيس ذلك فقد أهمل الأكل والشرب وعاش في الصحراء وأصبح شاحباً وأصبحت تصرفاته غريبة، فهل الحب يفقد العقل والروح.؟

فهل في عصرنا الحاضر من الممكن أن تلك هذه القصة تتكرر، هل الحياة تنتهي بمجرد ما شخص يذهب عنا، هل هذا عدل الحياة، هل هذا عدل نفسه عليه.؟

تتوالى الأحداث وتختلف الروئ والفلسفة فقد تطرقنا من قبل أن لكل حب فلسفته الخاصة الفريدة فنأتي إلي حكاية أولها توجت بالحب وآخرها توجت بالموت.


روميو وجولييت

الحب المتوج بالنيران المسبقة، النيران التي قد تحرقهما، النيران التي تسبق العاصفة.... فتدور أحداثها حول شاب وفتاة أحبوا بعضهما فقرر كل منهما أن يغامروا بهذا الحب في وجه العائلتين، فقد كانت هنا النيران بينهما ليست نيران الحب وإنما العداء... ومع رفض العائلتان لهذا أنتحر روميو، فقد كان يظن أن جولييت قامت بالإنتحار هي أيضاً، ولكن بعد إستيقاظها وعرفت بالخبر فقامت بطعن نفسها بخنجر روميو.

فماذا كان يحدث لو أن لم يظن روميو أن جولييت لم تنتحر من أجله.. فهل كان أنتحر أم لا.. فهل الحياة قائمة على الظنون والإعتبارات الفرضية ومن ثَّم نقوم بفرض إعتبار يقيني بحت ونتصرف على هذا الأساس وهو في الأساس لم يكن يقيناً على الإطلاق.!

فماذا ألعن..؟

ألعن الوهم، أم الخيال، أم الظنون، أم الحب، ولكن الحب برئ من هذا الظلم، فهنا مقصدي ليس ظلم طرف للطرف الآخر، ولكن.... ظلم الإنسان لنفسه. 

كامل الشناوي، نجاة، يوسف إدريس 

فعندما يجتمع الحب ما بين ثلاث.. فماذا نرى؟

عشق الشاعر "كامل الشناوي" الفنانة "نجاة الصغيرة" ولكن من طرف واحد، أحبها في كتاباته، أشعاره، أحبها في خياله، أحبها في لياليه، أحبها في كل وقت، أحبها ولم تبادله نفس المشاعر.

وفي يوم من الأيام لمح كامل الشناوي، نجاة في سيارة يوسف إدريس، فأشتعلت النار في قلبه، وذهب وكتب حينها قصيدة "لا تكذبي".


لا تكذبي إني رأيتكما معاً.. ودعي البكاء فقد كرهت الأدمعا.


فظل "كامل الشناوي" يحبها طيلة حياته، حتى دخل في حالة إكتئاب ومات وهو لم يتزوج.

فهل هذا من العدل، هل هذا إخلاص ووفاء لحب من لا يحبه، أم هي مجموعة من المعارك النفسية التي أحاطت به وقضت عليه، هل الحب الذي يصنع منك إنساناً محطم، قلق، مُدمر، يدعي حب.!

من المخطئ هل هي التي من المفترض أن تحبه كما يحبها، أم هو الذي يعشقها بجنون ... من المخطئ وعلى من العتاب.!

الحب الذي يدمر صاحبه لا يسمي حباً، الحب الذي يفقد الإنسان أمانه واتزانه النفسي والجسدي لا يسمي حباً.

يقول "باولو كويلو": "إذا أحببت شخصاً حقاً، عليك أن تكون مستعداً لأن تتركه حراً..." من رواية "الرابح يبقي وحيداً".

ينزعجون كثيراً حين يدركون أن من الاحتمالات المتأرجحة ألا يبقي الحب بينهم، ينزعجون حين يدركوا أنهم غير واثقين من بقائهم، ينزعجون من فكرة عدم اليقين، ولكن الحقيقة هي أن لا وجود للضمان في العلاقات، فالقلوب متغيرة، الحقيقة هي عدم اليقين.

فيقول "إيرك فروم" في كتابه (فن الحب): "إن حبك لشخص ما ليس محض شعور قوي، ولكنه قرار وحكم ووعد. لو كان الحب شعوراً فحسب، لما كان هناك أي أساس لوعد المحبين بعضهم بعضاً بالحب للأبد. المشاعر متقلبة، فكيف يمكنني أن أحكم بإستمراري في الحب للأبد إذا كان هذا الفعل لا يتضمن قراراً وحكماً؟!".


فهل التعلق قد يؤدي إلى الموت؟ بالفعل قد يؤدي إلى الموت.


التعلق والسُم

عالم الرياضيات العبقري "كورت غودل" كان يعاني من وسواس تسبب في موته، وهو إذا أكل أي طعام غير مقدم من يد زوجته سيصاب بالتسمم، ولكن ماذا إذا ماتت زوجته.!

فقد حدث مشابه ومرضت زوجته، ولم يتناول الطعام من أحد غيرها طيل الفترة التي كانت فيها بالمستشفى والتي استمرت 6 أشهر، وتوفي بسبب نقص الغذاء.. فكان وزنه حينها تقريباً 30 كيلو.

هل أحبها وتحول الحب لتعلق، أم كان تعلقه بها منذ البداية...؟

وماذا حينها كان يظن، هل كان يظن أنه حباً، أم كان معترفاً أن علاقته بزوجته علاقة تعلقيه وأنه قد وصل للشكل المشوه للحب.

فتتوالى الروايات عن الحب ويقع على عاتقنا هو معرفة ماهية الحب، هل هو حب فعلياً، أم تعلق، أم خوف، أم تعود.!

ما الذي يدفع الإنسان إلى الشعور بالانسحاب عن الدنيا وما فيها بمجرد الإبتعاد، الفراق، الخذلان، الموت، المرض.!

تستمر العلاقات الإنسانية، ويستمر معها ألغاز البشر المُحيرة، وتستمر الحياة مهما وصل بنا الأمر.

أنت الان في اول موضوع
هل اعجبك الموضوع :
author-img
كاتبة محتوي إبداعي، ومؤلفة روايات وقصص، وأخصائية نفسية.

تعليقات

التنقل السريع